البابا كيرلس السادس والكنيسة الروميّة الأرثوذكسية

بقلم: الأرشمندريت د.ذمسكينوس الأزرعي ~ الأمين العام السابق لمجلس كنائس مصر

منذ نعومة أظفاري أسمع وأقرأ عن قائد روحي من أرض مصر، ذاع صيته في أرجاء المسكونة، وعن رجل أصبح بمحبته الأب الروحي والحاني للملايين من أبناء كنيسته وشعبه.

هذه الشخصية اللامعة هي شخصية البابا كيرلس السادس، البطريرك الـ116 للكنيسة القبطية، المعروف بـ”رجل الصلاة”، الذي تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في يوم 9 مارس من كل عام ذكرى نياحته.

بطبيعة الحال، أشعر بأنني لست الشخص المناسب جداً للتحدث بعمق عن البابا كيرلس السادس، لكن في هذه الذكرى المميزة أستطيع بصفتي أحد أكليروس بطريركية الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس ورئيس دير مار جرجس البطريركي في مصر القديمة أن أضع شهادتي وأتحدث عن علاقته الطيبة ببطريركيتنا، فتاريخ دير مار جرجس الحديث يُسجل ويوثق زيارة البابا كيرلس السادس الى ديرنا في يناير عام 1960، إذ كان يحمل محبة كبيرة للقديس العظيم مار جرجس (القديس جيورجيوس) وخلال زيارته زار جميع كنائس ومزارات ومرافق الدير مع رئيس الدير في ذلك الوقت المغبوط الذكر الأرشمندريت أغثغلوس (زاريفيس)، وأبدى سعادته بأعمال الإنشاءات والترميمات التي كانت قائمة في ذلك الوقت.

ولكن بزيارته تلك وطد البابا كيرليس السادس علاقة دير مار جرجس البطريركي للروم الأرثوذكس بدير مار جرجس القبطي للراهبات إذ أن الديرين هم بجانب بعضهما شهادة حية لجذور المسيحية العميقة في بابليون مصر.

وكتذكار لزيارته التاريخية التي حملت في طياتها العديد من رسائل المحبة والإحترام لدير مار جرجس ولعلاقته الوطيده ببطريركيتنا، تُعرض واحدة من عكازات رعايته مع أيقونته في مزار القديس أستفانوس في الدير، حيث هذا المزار أصبح مقصد لآلاف الأخوة والأخوات من الكنيسة القبطية للتبرك من عكاز رعاية أباهم الروحي الموجودة في الدير كأحد كنوزه.

ونسمع من شهادة أبناء كنيستنا الرومية الأرثوذكسية الذي عاصروا البابا الراحل، بأنه كان دائماً يظهر المحبة والإحترام والتقدير لهم، مستذكرين دائما جميعهم إبتسامته النابعة من قلبه المحب.
وفي حديث شخصي لي مع غبطة بابا وبطريرك الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس ثيوذوروس الثاني، قال لي أنه سمع الكثير من بطاركة وأساقفة وكهنة كنيستنا الذين غادروا هذا العالم عن محبة البابا الراحل لكنيستنا.

وفي ذكرى نياحته نستذكر واحدة من كلماته التي اشتهر بها ولا يزال أحبّاؤه يتذكرونها، كن مطمئناً جداً جداً ولا تفكر في الأمر كثيراً بل دع الأمر لمن بيده الأمر، وهي واحدة من الكلمات التي أثّرت في وجدان الكثيرين، ولا يزالوا يرددونها للآن.

وفي النهاية نتمنى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر وكل العالم إحتفالية مباركة في تذكار نياحة أباهم الروحي المنتقل، ضارعين إلى الرب أن يمنح العمر المديد لقداسة البابا تواضوروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ويمده بالصحة والقوة.