تهنئة الأمين العام لمجلس كنائس مصر بمناسبة الأعياد المجيدة

“رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ” (لو 4: 18)

في بداية رسالتنا الميلادية هذهِ، يسرُّني أن أُقدّم أطيب التهاني بمناسبة عيد الميلاد المجيد بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن مجلس كنائس مصر.

ان كنيسة المسيح المقدسة تحتفل هذه الأيام بهذا الحدث الذي هو إتمامٌ لنبؤاتِ العهد القديم، الله بمحبته العظيمة تغاضى عن جهل الإنسان وخطاياه ودعاهُ الى حياة أبدية جديدة.

عيد الميلاد هو عيد التجسد الإلهي، فالله تجسد وصار إنساناً وحلَّ بيننا، فأبصرهُ ولمسهُ وسمِعَهُ الجميع. وهذا ما يؤكده لنا الكتاب المقدس”اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينا…”( 1 يوحنا 1:2).

التجسد هو فعلُ حب. فالله أحبنا محبة كبيرة وأراد أن يُعبّرَ لنا عن هذه المحبة من خلال التجسد. فيسوع المسيح عندما جاء إلى عالمنا نادى بالمحبة، محبةِ الله الفائقة للإنسان، وأهمية محبةِ الإنسان لله، ومحبةِ الإنسان لأخيه الإنسان. فكان هو نفسه مثالاً حياً في المحبة الحقيقية والتواضع والوداعة. ومن هنا نُدرك أن كل تعبير عن الحب يحتاج إلى تجسد يُعَبِر عن هذا الحب. وأن المحبة إن لم تتجسد تبقى نظرية، فالمحبة لا تُدَّرس ولا تُعلَّم فقط، بل المحبة تُعاش، وبمقدار ما أعيش بالمحبة وبمقدار ما أُحب، بمقدار ما أقترب من الله أكثر. وهذا ما يؤكده لنا الإنجيلي يوحنا في رسالته الأولى “أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنا بَعْضاً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ”(1يو4: 7-8).

أن حدث الميلاد يدعونا إلى الإلتزام بالحياة مع الرب، فنُسرع إلى لقائه كما أسرعَ الرعاة إلى مغارة بيت لحم، ورجعوا حاملين الرجاء والفرح عندما عاينوا الطفل الإلهي المولود متوسّطاً والدته الفائقة القداسة مريم العذراء ويوسف البار، ونسير كما سار المجوس من المشرق البعيد باحثين عن الطفل الملك المولود، ورجعوا ممتلئين حكمةً وسعادةً لا توصف.

أيها الأحباء، نتضرع إلى الطفل الإلهي عطية السماء لعالمنا، أن يكون العام الجديد 2023 عام قبول للأخر، إذ يجب أن لا ننسى دعوة السّيّد المسيح بأن نقبل الآخر وأن نُحبّ الآخر وأن نعيش بسلام مع الآخر، أن نتصالح مع الآخر وأن نخدم الآخر، نتضرع ونصلي أنه كما ولد الرب يسوع في عالم مظلم. وأشرق عليه بنوره، هكذا فليمنح الإستنارة للعالم ويرشده إلى الطريق الصحيح.

ونصلى أيضاً هذه الأيام المباركة بعميق مشاعر المحبة والرجاء من أجل سلام كل العالم ومن أجل هذه البلاد المباركة، من أجل مصر العظيمة التى تقدم وتجسد فى كل يوم أروع الأمثلة فى المحبة والعيش المشترك للعالم أجمع، ونصلى أيضاً من أجل قيادتها وجيشها وكل شعبها أن يحفظهم الله ويمدهم بالعزم والقوة والثبات من أجل خدمة أرض الكنانة ورفعتها.

الأمين العام لمجلس كنائس مصر
الأرشمندريت د. ذمسكينوس الأزرعي