إنعقد في دير الأنافورا مؤتمرٌ روحيّ (۳٠ سبتمبر- ٢ أكتوبر٢٠٢١) تحت رعاية مجلس كنائس مصر وبالتعاون مع هيئة الإحتفاليّة ب”يسوع ٢٠۳۳”، ضمّ أكثر من٢٥٠ شخصًا أتوا من كنائس مختلفة في مصر والبعضُ من بلدانٍ أخرى. يُعتبر هذا المؤتمر لقاءً بامتياز وفرصةً ثمينةً للذهاب قُدُمًا في بناء جسور المحبّة بين مختلف الكنائس والنموّ في المحبّة المتبادلة. أمّا بالنسبة لإحتفاليّة “يسوع ٢٠۳۳”، فقد عرض أوليفيه فلوري مشروع ورؤية الإحتفال معًا بقيامة يسوع المسيح في العام ٢٠۳۳، والذي يأتي بعد مرور ألفَيْ سنة على قيامته، وهذا ما تبنّاه مجلس كنائس مصر مُبديًا استعدادَهُ وفرحَه بمتابعة العمل والسعي لتعزيز الوحدة بين الكنائس.

إستهلّ مؤسِّس المكان نيافة الأنبا توماس، أسقف القوصيّة، كلمته بالترحاب بضيوفه في رحاب الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة وقال: “نرفع أيدينا بعلامة شكرٍ لربّنا لوجودنا في أنافورا، التي تتمثّل بيدٍ ترفع كلّ إنسانٍ من أسفل، ولكن كي نرفعَ علينا أن نعرفَ كيف نركع، أي الركوع بالصلاة والإتّضاع والتواصل مع بعضنا البعض. القيامة هي احتفالُنا في كلّ سنةٍ وكلّ أسبوعٍ وكلّ يومٍ وكل ثانية، ومع كلّ نسمةٍ نَتَنَسَّمُها. هي احتفاليّة بالحياة لإدراكنا بقيامة المسيح”.

رحّب ممثّلو الكنائس منذ اليوم الأوّل بهذا العمل، وشجّع الأب دماسكينوس، نائب بطريرك الروم الأرثوذكس والأمين العام لمجلس كنائس مصر، بحضور جميع أصحاب النيافة وقُدسِ الآباء الحاضرين، هذا العمل وقال: “نصلّي لكي يبعثَ هذا المؤتمر الروحيّ روح العبور من الإحباط والخوف إلى الفرح والخلاص، فالربّ يسير معنا كلّ يوم. اليوم طريق عمّاوس هو طريق الأنافورا، وطريق دمشق هو طريق الأنافورا، يسوع يدعونا لنسيرَ معه على كلّ الطرقات”.

أمّا نيافة الأنبا دانيال سكرتير المجمع المقدّس للكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة فقد حمل للحضور بركة قداسة البابا تواضروس، وجعلنا نتأمّل في الحجر الكبير الذي كان على قبر السيّد المسيح والذي يُمثّل الموت والخطيئة، وقال: “إنّ مشكلةَ البشر هي في “من يدحرج لنا هذا الحجر؟”. المسيحُ قام ودحرج الحجر. قيامةُ المسيح هي الإنقاذُ لنا، هي الحياةُ لنا، هي عبورُ الموت إلى الحياة”.

وأتت كلمة نيافة الأنبا دانيال مطران إيبارشيّة الإسماعيليّة نيابةً عن غبطة بطريرك الإسكندريّة للأقباط الكاثوليك الأنبا إبراهيم إسحق، فقال: “نودّ أن ننطلقَ من قيامة الربّ كحدثٍ تأسيسيٍّ للكنيسة لنُعلِنَ الشهادة الحقيقيّة عن المسيح الحيّ. إنّ فكرة الإستعداد للإحتفال بقيامة الربّ تجعلنا نجتمع معًا ككنيسةٍ واحدة، كجسدٍ واحد، مُتنوّعِ الأعضاء، لرأسٍ واحد، هو ربُّ المجد، يسوع الحيّ والقائم من بين الأموات، نبعُ حياتنا وسببُ رجائنا”.

كانت الكنيسة الإنجيليّة ممثّلةً بحضرة القسّ رفعت فكري الأمين العام المشارك في مجلس الشرق الأوسط ورئيس لجنة الإعلام في مجلس كنائس مصر، نيابةً عن رئيس الطائفة الإنجيليّة أندريا زكي. وفي حديثه عن القيامة قال: “أصبح القبرُ مَمرًّا بدلاً من أن يكون مَقرًّا. بقيامة السيّد المسيح إنتصر الحقُّ على الباطل، والخيرُعلى الشرّ، و الحبُّ على الكراهية، والسلامُ على الخصام، وبقيامته المجيدة أعاد الرجاءَ لليائسين، والسلامَ للخائفين، والثقةَ للمتشكّكين. لقد جاء ليحرّرَالإنسان من خطاياه وتعصُّبه وعنصُريَّته ورفضه لأخيه في  الإنسانيّة. إنّ قيامتَهُ هي دعوةٌ لنا لنتحرَّرَ من قبور الكسل والتراخي، فنقومَ ونعملَ معًا بجدٍّ واجتهاد”.

 دعانا نيافة المطران سامي، رئيس الكنيسة الأسقفيّة، للعيش بتوبةٍ وقداسةٍ معًا، وأكّد أنّ “القيامةَ هي أكثر من معجزة، بها اتَّحدَتْ كلُّ صفاتِ الله. “أرني مجدك”! حوّلت القيامة سمَّ الموت إلى حياةٍ أبديّة وبوّابة الموت إلى بوّابة حياةٍ أبديّة. هذه القيامة يجبُ أن تظهرَ في الحياة الجديدة التي نعيشُها مع المسيح. فلتُثمِرْ فينا قوّة القيامة حتّى نرى أمورًا عظيمةً يصنعها الله في حياتنا”.

إحتوى المؤتمر لقاءاتٍ مميّزة، مثل الطاولة المستديرة حول القيامة، والتي أدارها الأب رفيق جريش، المتحدّث الإعلاميّ لمجلس كنائس مصر. شارك فيها كلٌّ من سيادة المطران جورج شيحان، مطران الكنيسة المارونيّة بمصر والسودان، ونيافة الأنبا ميخائيل عن الكنيسة الأرثوذكسيّة، الأسقف العام لمنطقة القبّة والوكيل العام للإكليريكيّة، والمهندس حسام حشمت أستاذ اللاهوت في الكنيسة الإنجيليّة.

وممّا جاء في كلام الأنبا ميخائيل: “نحن نتمّمُ إرادة ربِّ المجد بأن نفرحَ بهذا اليوم، يوم القيامة”. وشدَّد على كلمة “ينبغي” التي وردت في الأناجيل الأربعة، فالرسالة من لقائنا أنّه “ينبغي” أن نحتفلَ معًا في هذه المناسبة، فعلينا أن نتمّمَ إرادة الله ونفرحَ بهذه القيامة”.

أمّا مع المطران جورج شيحان فقد قمنا بفحص ضميرٍ عميقٍ إذ قال: “حياتي اليوم أن أعيشَ القيامة. أين المسيحُ في حياتي؟ هل هو مجرَّدُ شخصٍ تاريخيّ أم حقيقةٌ أعيشُها كلّ يوم، ألتَمسُها كلّ يوم، فتَلْمَس حياتي وسُلوكيّاتي؟ هل التطوّر اليوميّ الذي أعيشُه هو مرتبطٌ بشخص يسوع المسيح أو مرتبطٌ بشخصي أنا؟ لم يزرعنا الربُّ صدفةً في هذا الشرق، ولكنّه زرعنا لأنّنا أصحابُ رسالةٍ وشهادةٍ له وليس أصحاب كلام”.  

كما وردت كلمةٌ لها بُعدٌ مميّزٌ مع المهندس حسام حين قال “عليّ أن أتعاطف مع الآخر”، ثمّ قدّم ببساطة وعمق شهادة حياته. 

تخلّل المؤتمر ورشَ عملٍ ساهم فيها الحاضرون من خلال الصلاة معًا والعمل سويّةً والمشاركة العميقة إلى معرفةِ وتقديرِ بعضِهم البعض، والسعي لتحقيقِ مشاريعَ أخرى وأهدافٍ مشتركة، كلٌّ في أمانةٍ عميقةٍ لكنيسته. إنّها شهادةٌ لمسكونيّة الحياة في هذا المكان المبارك، فيسوع المسيح يجمعُنا، هو النور الذي جاء إلى العالم.

ريما السيقلي