قدم السيد المسيح مثل السامرى الصالح بعد أن سأله ناموسي: “ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟”، فأجابه السيد المسيح عن المحبة، محبة الله والقريب، ثم أضاف: “افعل هذا، فتحيا” (لو 10: 25-28)، ثم أعطى لنا مثل السامرى الصالح.

فماذا تعنى لنا محبة القريب؟

أولاً: محبة القريب دليل على أن لك علاقة قوية بالله، يقول القديس أغسطينوس: “المحبة هى العلامة الوحيدة المميزة بين أولاد الله و أولاد إبليس”. لذلك تبدأ صلوات قداس المؤمنين بالقبلة المقدسة، فالقبلة أسمى تعبير عن الحب، و ما تصنعه أيدينا يعبر عما فى قلوبنا، وعندما تتقدم بهذه القبلة المقدسة نحو الذى بجوارك، فكأنك تصالح العالم كله ممثلاً فى الشخص الذى بجانبك.

ثانيًا: محبة القريب هى مقياس لصدق عبادتنا، العبادة تعبير عن الحب لله، ولكن تندهش معى عندما يتكلم ربنا يسوع المسيح عن أساسيات العبادة (متى6)، هل بدأ بالصلاة أم بالصوم أم بالصدقة؟ كنا نظن أن الرب سيبدأ بالحديث عن الصلاة، ولكنه بدأ بالصدقة! فالصدقة هى تعبير عن شعورنا بالآخر، إحساسنا به، محبتنا التى تخرج من قلوبنا تجاه القريب، بعد ذلك يتكلم عن الصلاة التى هى شعور بالله، وأخيرًا الصوم و هو شعورى بذاتى ومذلتى وحقارتى.

الأمر الثالث: محبة القريب مقياس للدينونة، سيقف كل منا أمام الديان العادل، وسيسألك: كيف عاملت إخوتك فى البشرية؟ ما هى المحبة التى قدمتها نحوهم؟ .. العالم يا إخوتى جائع لهذه المحبة، فما الحروب والنزاعات والصراعات فى العالم كله إلا بسبب غياب هذه الفضيلة.

قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية