“قال الرب كما تريدون أن يفعل الناس بكم، إفعلوا أنتم أيضاً” (لو 6/31)

هذه القاعدة الذهبية التي وضعها لنا الرب يسوع للتعامل بين الناس بعضهم البعض تستكمل في آية ثانية أخرى في نفس النص. “فكونوا إذن رحماء كما أن أباكم رحيم” (لو 6/36) وما بين الآياتان نستطيع أن نفرق بين فكر العالم وفكر الرب. ففكر العالم هو العين بالعين والسن بالسن كما كان في العهد القديم وفِكر العالم مشبع بروح الإنتقام والثأر للكرامة الشخصية والأنانية والبحث عن المصالح بينما فكر الرب هو “لا تقاوم الشر بالشر من لطمك على خدك الأيمن أعطه الأيسر” (مت 5/39) وذلك لأن الشر دائرة لا تنتهي و لا تنكسر إلا إذا تدخلت روح المحبة وتُرجمت إلى أعمال رحمة كما يقول البابا فرنسيس في عام الرحمة التي أعلنها “العالم متعطش للرحمة والوحدة والسلام. الله يطلب منا إنطلاقة جديدة” فالرحمة هي فعل المحبة وبقولٍ آخر هي المحبة المترجمة إلى الواقع “كونوا رحماء كما أن أباكم رحيم” ونجد ذلك في طول العهد الجديد وعرضه فنتذكر مثل السامري الصالح ومثل الغني لعازر ومثل العبد المديون فهي دعوة لنا أن نكون رحماء بالآخرين كما نطلب الرحمة من الرب ففي صلواتنا كثيراً ما نردد “يا رب ارحم” وأعمال الرحمة تتعدى حدود الأعمال الخيرية والمظهرية بل هي أعمال تضامنية مع الآخرين ومشاركة في آلامهم والإحساس بهم خاصةً الأفقر والبسيط وغير المتعلم فنأخذ بيده وفي بلادنا ما أحوج الكثيرين لمساعدتنا فيما وهبنا الله من نعم فلنفحص ضمائرنا بكل جدية وأمانة وننطلق إنطلاقة جديدة ونكون رحماء كما أن أبانا السماوي رحيم بنا.

الاب رفيق جريش