مؤتمر الكهنة والرعاة يناقش دور الرؤية في القيادة المسيحية
في محاضرة ثرية ومفعمة بالروحانية، تناول الدكتور مجدي لطيف موضوع الرؤية في القيادة المسيحية خلال مؤتمر الكهنة والرعاة، مسلطاً الضوء على مسؤولية الراعي في القيادة برؤية واضحة. استهل د. السندي حديثه بتأمل في مزمور 23 وإنجيل يوحنا 10، موضحاً كيف تبيّن هذه النصوص العلاقة الوثيقة بين الرعاية والقيادة، حيث لا يكتفي الراعي بالعناية بالقطيع، بل يقوده نحو أهداف محددة وواضحة.
وأكد د. مجدي أن القيادة كجزء من عمل الرعاية تتطلب رؤية إرشادية، وهي ضرورية لخير الشعب وفعالية القائد. وأوضح أن الرؤية ليست مجرد حلم بعيد أو فكرة مثالية، بل هي خريطة طريق تستند إلى فهم احتياجات الماضي وواقع الحاضر وتطلعات المستقبل. وأشار إلى أن الرؤية المتكاملة توفر اتجاهًا وأهدافًا، وتكون مستمدة من القيم المسيحية ومتجذرة في شغف القائد الشخصي لخدمة الكنيسة والمجتمع.
تناولت المحاضرة أيضاً كيفية تكوين الرؤية وتطبيقها في حياة القائد المسيحي. وفقاً للدكتور مجدي، تبدأ الرؤية بخلوة وصلاة حيث يتأمل القائد في شغفه ويبحث عن توافقه مع مشيئة الله. وأشار إلى أن من أساسيات تشكيل الرؤية التأمل المستمر لضمان بقاء الرؤية ملائمة وواقعية ومتوافقة مع مواهب وقدرات القائد. وقارن هذا النهج بفلسفة طه حسين حول التعليم، حيث رأى أن التعليم ضرورة مثل الماء والهواء، وهي رؤية تحولت إلى واقع من خلال عمله المؤثر.
وتناول د. مجدي أيضاً مكونات القيادة المستندة إلى الرؤية، موضحاً أن الرؤية تقود إلى الرسالة التي بدورها تُترجم إلى أهداف وأنشطة محددة. وأكد أن هذه الخطوات العملية يجب أن تكون قابلة للقياس والتنفيذ، لضمان تحقيق الرؤية بطريقة ملموسة. واستشهد بنموذج السيد المسيح، الذي قال: “أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل” (يوحنا 10:10)، موضحاً كيف حقق المسيح رؤيته من خلال رسالته في التبشير للمساكين وشفاء المرضى.
واختتم د. مجدي محاضرته بالتأكيد على أن الرؤية المستمدة من الله تتميز بخصائص رئيسية: فهي شخصية، كتابية، عملية، ممكنة، ديناميكية، وقوية. مثل هذه الرؤية، كما قال، تجلب السلام الداخلي وتدفع القائد للاستمرار رغم التحديات، مطمئناً إلى أن عمله يمجد الله ويحقق الرضا الشخصي.
هذا واختتم بعد هذا المؤتمر أعماله بزيارة للكنيسة الأثرية بدير القديس الأنبا بيشوي، حيث اجتمع الحضور في أجواء روحانية للتأمل، مستلهمين من التاريخ الغني للدير الذي يُعد من أهم المعالم الروحية والتاريخية في الحياة الرهبانية القبطية.