بسم الآب والإبن والروح القدس الأله الواحد آمين. تحل علينا نعمته وبركته من الآن وإلى الأبد آمين.

أهنئكم يا أخوتي بعيد القيامة المجيد الذي هو فخر هو قمة أعيادنا وفرحة أفراحنا. هذا العيد يأتي بعد فترة صوم طويلة 55 يوم تمتلئ بالنسكيات وأسبوع الآلام الذي يمثل الآلام التعرض لها السيد المسيح. ونعيش في صلوات طويلة تزداد في آخر ثلاثة أيام ( الجمعة والسبت والأحد). ونحن نحتفل بالقيامة وهذه الأيام: يوم الجمعة الصليب وكان كله آلم والسبت في القبر كله خوف وقلق ثم كان في فجر الأحد القيامة يوم الفرح. وهذه الأيام الثلاثة تحدث عنها الكتاب المقدس كثيرا في العهد الجديد ولكن القديس بولس الرسول الذي كان لاهوتيا وفيلاسوفا كان كاتبا له 14 رسالة في العهد الجديد وقد كتب في موضوعات كثيرة وفي رسالته لأهل مدينة كورنثوس كتب فصلا كاملا عن المحبة (1كو 13 ) وقد وصف المحبة بأروع ما يكون فمن يقرأ هذا الأصحاح يستطيع أن يعرف علو قدر المحبة وكل أوصافها وختمها بعبارة لطيفة “المحبة لا تسقط أبدا” وفي نهاية الفصل كتب عبارة قد تبدو غريبة على مسامعنا ” أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة لكن أعظمهن المحبة.” وكان فيما يقصد هذه الثلاثة ( الجمعة / السبت/ الأحد ) فيمكن أن نسمي يوم الجمعة هو يوم الإيمان ويوم السبت هو يوم الرجاء ويوم الأحد هو يوم المحبة وسأشرح هذا المعنى باختصار شديد.

يوم الجمعة هو يوم الصليب الحادثة التي تمت على شهود عيان حادثة كبيرة كان اليهود يصرخون لبيلاطس الوالي الروماني في هذا الزمان “اصلبه اصلبه” وبعد عدة محاكمات وقف بيلاطس ليقول “إني برئ من دم هذا البار ” وسلمه للصليب فكان الصلب في وقت الساعة السادسة بالتوقيت العبري أي الساعة 12 ظهرا وكانت ظلمة على الأرض كلها كان يوم مشحون بالآلم وبالصراخ وبالتشفي في السيد المسيح وكان هذا يوم الإيمان حسب القديس يولس الرسول. وأود أن أتوقف معكم في حادثة صغيرة في هذا اليوم فقد كانوا يريدون التأكد من موت السيد المسيح واللصين ليدفنوهم قبل السبت لأن لا يوجد عمل في السبت حسب التقليد اليهودي فجاء أحد القواد الرومان المسئولين عن حراسة عملية الصلب وطعن جنب السيد المسيح بالحربة فوقف هذا الإنسان الوثني ليشهد أن “حقا كان هذا ابن الله” شهادة من رجل وثني وكانت تعبير عن الإيمان وقد صار فيما بعد صار لونجينوس أحد القديسين في تاريخ الكنيسة. يوم الجمعة يمثل الإيمان.

ثم السبت بعد الصلب تقدم يوسف الرامي رجل مقتدر ونيقوديموس ليطلبا جسد المسيح ليدفن في قبر جديد ولتعيشوا معي هذه المشاعر التي مر بها المجتمع المسيحي الأول تلاميذ السيد المسيح وبعض النسوة مشاعر قلق والخوف والانتظار والرجاء. المسيح قال لهم إنه سيقوم لكنهم رأوه بإعينهم إنه مات وصلب ودفن. ففي السبت كان الرجاء الذي يحكمه قانون جميل “كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله” فنحن كبشر ليس علينا شئ سوى ان نحب الله ونترجى الخير في كل حدث.

ثم فجرالأحد وقد صلينا الطقس الرمزي للقيامة ويقول بولس الرسول عنه ” أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة لكن أعظمهن المحبة.” كانت قيامة السيد المسيح خلاصة المحبة التي يقدمها لنا جميعا فما أحلى القيام والنهوض وكانت القيامة سببا في زرع فرح خاص في قلبوب الجميع وعندما يزرع الفرح تنتج محبة شاملة فالإنسان الذي يعيش الإيمان والرجاء ثم فرحة المحبة في قلبه يخرج منه كل أشكال المحبة. والمحبة لها ثلاثة أشكال هامة هي :

1- محبة الصلاح : يحب الخير ونحن نقول “صباح الخير” تعبير عن الخير في قلب الإنسان والله الخير في حياة الإنسان.

2- محبة الطبيعة والحياة : الإنفتاح على الحياة ويحب الموجودات التي خلقها الله ويحب الحياة للآخرين فتجده إنسان إيجابي مفرح

3- محبة الآخر : الأروع والأعمق وليست قبوله فالمحبة تكون بالعمل وليست اللسان والكلام وهي التي تجعل الإنسان يخدم الآخرين

فمحبة الصلاح داخله ومحبة الموجودات التي حوله ثم محبة الاخر دون النظر لأي اعتبار فيخدمه ومن هنا جاءت ثقافات التطوع

” أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة لكن أعظمهن المحبة.” هذه هي قوام الحياة الناجحة. الإيمان والرجاء على الأرض فلا نحتجهم في السماء لكن المحبة من على الأرض وتمتد إلى السماء والمحبة لا يمكن أن تنتهي او نحصرها

الخلاصة أن القيامة هي تسجيل وزرع لعمل المحبة في قلوب البشر من أجل خدمة كل البشر التي يحتاجها العالم جدا المملوء من العنف والخطايا والإرهاب. فالعلاج لا يكون سوى بالمحبة التي تستطيع أن تشبع قلب الإنسان فالإنسان الذي يرتكب شرا أعلم أن في قلبه خالي من المحبة

هذه هي فرحة القيامة التي تزداد بحضوركم جميعا وإذ نشكركم ونشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي ونشكر كل الأحباء ونصلي من اجل بلادنا أن تكون على الدوام في نمو وفي تقدم. نصلي من أجل الشهداء في كل مكان نصلي من أجل أسرهم وذويهم واوطانهم ونصلي من أجل المصلين ان يمن الله عليهم بالشفاء ويحفظهم يحفظنا جميعا في محبته له المجد والكرامة من الان وإلى الأبد آمين.